عاجل
الإثنين 20 مايو 2024

«حرق الأسعار» يهدد مستقبل السياحة

الميزان

أزمة فوضى الأسعار السياحية التى سببتها بعض الشركات فى مصر، أصبحت تؤرق العاملين بقطاع السياحة وتهدد القطاع السياحى، خاصة مع أنباء قرب عودة السياحة الروسية إلى مصر، وزيادة أعداد السياح القادمين بنحو 52% ما ينذر بحرب أسعار بين الشركات والفنادق، للاستفادة من الرواج الحالى بعد عدة سنوات من الركود.

أدارت «الميزان الاقتصادى» حوارات مباشرة مع أطراف الأزمة والمسئولين والخبراء السياحيين، لوضع «روشتة» الاستفادة من الرواج السياحى الحالى، خاصة مع وصول عدد السياح فى النصف الأول من العام الحالى إلى 3 ملايين و500 ألف و561 سائحا، مقابل 2 مليون و300 ألف و336 سائحا، خلال النصف الأول من عام 2016.

«حلقة»: تفعيل الحد الأدنى للأسعار

قال باسم حلقة، نقيب السياحيين، إن قانون الحد الأدنى لأسعار الغرف الفندقية وفقاً لمعايير عالمية معروفة، الذى تحدث عنه وزير السياحة، يحيى راشد فى 30 يونيو الماضى لم يطبق حتى الآن، رغم أهميته الشديدة فى الوقت الراهن، خاصةً لعدم وجود رقابة حالية من الوزارة، ما أدى إلى وجود فوضى عارمة فى الأسعار، موضحاً أن الحد الأدنى لفندق 5 نجوم يفترض أن يصل إلى 20 دولاراً فى الليلة الواحدة شاملة وجبتى الإفطار والعشاء ويتم محاسبتهم ضريبياً، لافتاً إلى اختلاف الحد الأدنى للأسعار حسب كل مدينة وتصنيف الفندق.

أشار «حلقة» إلى أن وضع حد أدنى لأسعار غرف المنشآت الفندقية، لا يتنافى مع مبادئ السوق الحرة وآلية العرض والطلب، حيث إنه يتم وضع حد من قِبَلِ الوزارة لحفظ الخسائر وذلك من خلال وضع المستثمر ما يريد من أسعار بشكل لا يؤثر على اقتصاد الدولة، خاصةً مساندة الدولة للمنشآت الفندقية من تقديم تسهيلات لأصحابها من كهرباء ومرافق عامة وخدمات متنوعة.

«الدياسطي»: الحجوزات الإلكترونية لا تضيف

وأكد أحمد الدياسطى، عضو مجلس الإدارة بالمجلس المصرى للشئون السياحية، ورئيس مجلس إدارة مجموعة المصرى للاستثمار، أن الحجوزات الفندقية الإلكترونية ترتبط بالفنادق ذات الاستثمار الأجنبى، وإيراداتها تتسرب خارج مصر، وبالتالى لا تعود بفائدة على مصر، بل أن أضرارها تتجسد فى تقديم أسعار مخفضة عن ما تقدمه الشركات السياحية المحلية بنسبة 20% إلى 30%، مما أدى إلى قيام الشركات السياحية فى مصر إلى حرق أسعارها ليتدنى مستوى الفنادق إلى أسعار تتراوح من 5 إلى 10 دولارات بدلاً من 70 دولاراً وفقا للحد الأدنى الدولى المعترف به، مشيراً إلى أن أسعار الغرف فى الليلة الواحدة قبل عام 2016 وصلت إلى 100 و150 دولاراً.

أضاف «الدياسطي»، أن السبب الرئيسى لمشكلة حرق الأسعار، يكمن فى عدم وجود سياسة موحدة للفنادق، قائلاً: «كل يغنى على ليلاه»، وتأجير الفنادق لشركات أجنبية بالموسم الكامل أو الشهر أدى إلى عرض المنتج بسعر متدنٍ، مشيراً إلى ضرورة إلزام حجز الفنادق من خلال الشركات السياحية المرخصة، مثلما تفعل دولة تركيا بعيداً عن السماسرة الذين يستفيدون من وراء حجز الفنادق.

ونفى الخبير السياحى، صحة ما يتداول عبر الصحف من أرقام وهمية حول أعداد السياح فى مصر، وذلك لعدم وجود منصة إلكترونية بوزارة السياحة، تكون قاعدة أساسية لتسجيل البيانات الخاصة بالسائحين، فإن تفعيل هذه المنصة سيجعل إيرادات السياحة لا تقل عن 15 مليار دولار فى أحلك الظروف.

وكيل وزارة سابق: أهمية كبرى للسياحة الداخلية

وحول نسب الإشغالات الفندقية فى السنة الماضية يقول مجدى سليم، وكيل وزارة السياحة السابق، إن السياحة الداخلية لها أهمية كبرى لإشغال المنشآت الفندقية، خاصة فترة ما قبل عيد الأضحى فى المحافظات الساحلية، حيث وصلت نسب الإشغال بفنادق البحر الأحمر إلى 69% من بينهم 60% مصريين و9% أجانب، رغم استغلال الفنادق والشركات للموسم ورفع الأسعار.

أشار «سليم»، إلى أن السوق الأوروبية تمثل نسبة 75% من السياحة المصرية، نظراً للقرب الجغرافى، حيث لا تستغرق أكثر من 5 ساعات طيران، إضافة إلى المقومات السياحية التى تتمتع بها مصر وتسهيل التأشيرات، جعلها من أهم المقاصد السياحية لدى أوروبا.

أوضح أن السوق العربية تمثل فقط 20% من السياحة المصرية، نظراً لإغلاق المكتب السياحى بمدينة أبو ظبى، والذى يعتبر من أهم مكاتب الأسواق العربية لدى مصر، حيث كان لا بد من زيادتها بدلاً من إغلاقها.

«عبدالمنعم»: وقف الرحلات الروسية أفقدنا 25% من السياح

سامح عبدالمنعم، الخبير السياحى والمدير الاقليمى للمبيعات والتسويق لإحدى شركات الفنادق العالمية، يؤكد أن عودة السياحة الروسية للسوق المصرية أمر حيوى، خاصة أن السياحة الروسية ساهمت بـ3 ملايين سائح عام 2014، و2 مليون سائح فى نوفمبر 2015، أى 25% من إجمالى عدد السائحين فى مصر.

ولفت إلى ضرورة الاهتمام بالمنتج السياحى المصرى، بشكل ينافس المنتجات السياحية العالمية من أجل تحقيق أعلى نسبة إشغال، دون العودة إلى حرق الأسعار التى تسبب خسائر للقطاع السياحى.

حلول للأزمة

وضع خبراء السياحة حلولاً للتغلب على أزمة فوضى الأسعار السياحية، من خلال قيام وزارة السياحة بإجراءات منتظمة للرقابة على حركة السياحة، وتصميم أجندة سياحية للحفاظ على تشغيل الفنادق طوال العام، إضافة إلى توفير عمالة مؤهلة بزيادة الدورات التدريبية لتقديم الخدمات الفندقية للسائح باحترافية، مشيرين إلى ضرورة تعدد مصادر الدخل السياحى باستغلال 12 نمطا أخرى تتناساها وزارة السياحة ولا تنظر إليها إلا نادراً.

وشددوا على ضرورة العودة إلى قواعد عمليات تقييم الفنادق وفقاً للوائح الاسترشادية لدى وزارة السياحة، فالمؤكد والمتعارف عليه فى الوسط السياحى، أنه لا يمكن أن تكون هناك غرفة فندقية بأقل من 70 دولاراً، إلا أن ما يحدث فى «حرق الأسعار» هو خفض سعر الغرفة بشكل مبالغ فيه من أجل تحقيق نسب إشغال عالية، ولكن ذلك يأتى على حساب جودة الخدمة المقدمة للسائح.

وقالوا إن هناك إجراءات قانونية تتيح لرئيس الحكومة التدخل العاجل فى حالة وجود حرق للأسعار فى أى مجال، وتثبيت الأسعار لمدة ستة أشهر، تليها ستة أشهر أخرى إذا ما تطلب الأمر ذلك، وذلك للحفاظ على الأمن القومى وسمعة مصر كمقصد سياحى متميز.

الوزارة على خط الأزمة

من جانبها عقدت وزارة السياحة لقاءات مهنية مع منظمى الرحلات؛ لمطالبتهم بعدم الضغط على الفنادق لكى تخفض أسعارها بهذا التدنى فالاهتمام بالمنتج والتدريب والخدمة المقدمة يأتى قبل الاهتمام بالترويج، ومطالبة الشركات السياحة وأصحاب الفنادق بانتهاج سياسة تسعيرية معتدلة والابتعاد عن حرق الأسعار، خاصة أن هناك تخوفاً من قبل الوكالة الفيدرالية الروسية من عدم جاهزية الفنادق والشركات لاستقبال الروس، حيث سيتم فتح صفحة جديدة مع السوق الروسية ولابد من تقديم منتج جيد حتى لا يقارنها بالمناطق الأخرى التى قام بزيارتها مثل اليونان وتركيا.