عاجل
السبت 01 نوفمبر 2025
al mezan news english
رئيس التحرير
مواهب عبدالرحمن

إبراهيم السروجي: الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والتجارة الإلكترونية كيانات تحتاج إلى تشريعات خاصة

الميزان نيوز

أكد إبراهيم السروجي، المحامي بقسم تأسيس الشركات في مكتب توكل للمحاماة والاستشارات القانونية، أن الدولة المصرية أدركت مبكرًا أن التحول الرقمي والاقتصاد المعرفي لم يعودا خيارًا، بل أصبحا مستقبل النشاط الاقتصادي العالمي، ما دفع المشرّع المصري خلال السنوات الأخيرة إلى إعادة صياغة البنية التشريعية لاستيعاب أشكال الشركات الجديدة العاملة في مجالات التكنولوجيا والابتكار والخدمات الرقمية.

 

الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية

 

وقال السروجي إن المشهد الاقتصادي لم يعد يقتصر على الشركات الصناعية أو التجارية التقليدية، بل امتد ليشمل شركات ناشئة تعمل في الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية والتطبيقات الرقمية، وهي كيانات تتطلب تشريعات مختلفة من حيث النشأة، وآليات التمويل، والتراخيص، وحماية البيانات.

وأوضح أن قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 لا يزال الإطار الأساسي لتأسيس الشركات في مصر، فيما تعمل الهيئة العامة للاستثمار بالتعاون مع وزارة الاتصالات على إطلاق منصة رقمية لتأسيس الشركات إلكترونيًا، تنفيذًا لتوجيهات الدولة نحو تيسير الإجراءات للمستثمرين المحليين والأجانب، تمهيدًا لإصدار قانون الشركات الجديد الذي سيتيح التأسيس الإلكتروني الكامل خلال 20 يوم عمل، وتنظيم الاجتماعات عبر الإنترنت، وتوسيع نطاق الأنشطة دون تعقيدات بيروقراطية.

وأضاف السروجي أن هذا التحول يمثل “إعلان نوايا تشريعيًا” يعكس توجه الدولة نحو رقمنة منظومة تأسيس الشركات بالكامل، مشيرًا إلى أن قانون التكنولوجيا المالية رقم 5 لسنة 2022 شكّل نقلة نوعية في تنظيم الأنشطة غير المصرفية الرقمية، وفتح الباب أمام شركات ناشئة لتقديم خدمات تمويل رقمية تحت إشراف الهيئة العامة للرقابة المالية، بما يعزز الشفافية وحماية العملاء.

كما أشار إلى أهمية قانون حماية البيانات الشخصية رقم 151 لسنة 2020 الذي وضع إطارًا متكاملًا لحماية خصوصية المستخدمين ومعالجة البيانات، مما جعل السوق المصري أكثر توافقًا مع المعايير الأوروبية والدولية، وعزّز ثقة المستثمرين في البيئة الرقمية.

وكشف السروجي أن الدولة تعمل حاليًا على إعداد قانون خاص بالشركات الناشئة يتضمن تنظيم الملكية الفكرية للمشروعات التكنولوجية وتبسيط إجراءات التمويل والمشاركة بالأسهم، تنفيذًا لاستراتيجية مصر الرقمية 2030.

أخطاء رواد الأعمال في التأسيس

وتحدث السروجي عن أبرز الأخطاء الشائعة التي يقع فيها رواد الأعمال عند تأسيس شركاتهم، موضحًا أن بعضهم يبدأ النشاط التجاري قبل استكمال الشكل القانوني المناسب، مما يؤدي إلى فقدان الشخصية الاعتبارية للشركة ومساءلة الشركاء شخصيًا عن الديون.
كما حذر من التأسيس العشوائي عبر نماذج جاهزة أو عقود عامة، مؤكدًا أن “العقد التأسيسي هو دستور الشركة” ويجب أن يُصاغ بعناية لتجنب النزاعات.

دور المحامي في تأسيس الشركات

وشدد السروجي على أن الاستعانة بمحامٍ أثناء التأسيس أصبحت ضرورة استراتيجية، لأن دوره لا يقتصر على مراجعة العقود فقط، بل يمتد لتأسيس البنية القانونية التي تضمن سلامة واستدامة المشروع.
وأشار إلى أن قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 نصّ صراحة على أنه لا يجوز قيد أي شركة في السجل التجاري إلا بعد توقيع محامٍ على عقد تأسيسها.

وأوضح أن أهمية المحامي تتجلى في:
1. حماية الشركاء والمستثمرين عبر صياغة عقود متوازنة.
2. الوقاية من النزاعات المستقبلية من خلال وضوح الصياغة القانونية.
3. الامتثال الضريبي والتنظيمي في ظل تعدد التشريعات.
4. حماية الملكية الفكرية والعلامة التجارية منذ مرحلة التأسيس.

الإطار التشريعي للشركات في مصر

وأشار السروجي إلى أن تأسيس وتشغيل الشركات في مصر يستند إلى منظومة متكاملة من القوانين، أبرزها:
• قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 الذي ينظم أنواع الشركات وإجراءات التأسيس والإدارة.
• قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 الذي يمنح حوافز ضريبية وجمركية ويقر مبدأ المساواة بين المستثمرين المصريين والأجانب.
• قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 الذي يحدد طبيعة النشاط التجاري والتزامات التاجر.
• قانون العمل رقم 14 لسنة 2025 المنظم للعلاقات العمالية داخل الشركات.
• قانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 الذي يشكّل المرجع الأساسي للالتزامات المالية.

وأضاف أن التعديلات الحديثة مثل السماح بتأسيس شركات الشخص الواحد، وتنظيم نشاط التمويل متناهي الصغر، تمثل تطورًا نوعيًا في بيئة الأعمال.

نحو بيئة تشريعية أكثر انفتاحًا

وأوضح السروجي أن القانون رقم 173 لسنة 2023 الذي ألغى شرط ملكية المصريين بنسبة 51% في سجل المستوردين، يُعد تحولًا جذريًا نحو جذب الاستثمارات الأجنبية، كما أن القانون رقم 170 لسنة 2025 أعاد هيكلة قواعد الحوكمة في الشركات المملوكة للدولة ووسع مشاركة القطاع الخاص.

وأكد أن مشروع قانون الشركات الجديد الذي تعمل عليه الهيئة العامة للاستثمار سيُحدث نقلة نوعية في سرعة تأسيس الشركات وخفض البيروقراطية عبر منظومة رقمية موحدة.

البيروقراطية والعقوبات التجارية

وفيما يتعلق بالبيروقراطية، أوضح السروجي أن قانون الاستثمار لعام 2017 أنشأ نظام الشباك الواحد لتبسيط الإجراءات، وأن الحل الجذري يتمثل في التحول الرقمي الكامل وربط قواعد البيانات الحكومية، تنفيذًا لاستراتيجية مصر الرقمية.

وأشار إلى أن الفلسفة التشريعية الحديثة تقوم على مبدأ “التصحيح قبل العقاب”، حيث تمنح القوانين الشركات فرصة لتوفيق أوضاعها قبل توقيع الجزاءات، ما لم يكن هناك غش أو احتيال متعمّد، مؤكدًا أن الالتزام القانوني أصبح “درع حماية المستثمر أمام السوق والجهات الرقابية”.

وختم السروجي تصريحه قائلًا:

“القانون اليوم لم يعد عائقًا أمام الاستثمار، بل أصبح شريكًا حقيقيًا في تحقيق التنمية الاقتصادية، وتحفيز بيئة الأعمال القائمة على الشفافية والمسؤولية.