عاجل
السبت 01 نوفمبر 2025
al mezan news english
رئيس التحرير
مواهب عبدالرحمن

HSBC بين خسائر عالمية وتحولات محلية: كيف قادت قضية مادوف البنك لإعادة هيكلة عملياته وبيع نشاطه للأفراد في مصر؟

الميزان نيوز

شهد بنك HSBC العالمي تراجعًا ملحوظًا في أرباحه خلال الربع الثالث من العام الجاري، متأثرًا بمخصصات ضخمة خصصها لتسوية قضية تعود إلى فضيحة الاحتيال المالي الشهيرة التي ارتكبها الأمريكي برنارد مادوف، في وقت تتجه فيه المجموعة إلى إعادة هيكلة أعمالها عالميًا، تشمل دراسة بيع أنشطتها للأفراد في مصر.

14% انخفاض في الأرباح بسبب قضية مادوف

أعلن البنك، الذي يتخذ من لندن مقرًا رئيسيًا له، عن انخفاض أرباحه قبل الضرائب إلى 7.3 مليار دولار خلال الربع المنتهي في 30 سبتمبر، مقارنةً بـ 8.5 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي بنسبة تراجع بلغت 14%.
وعزا البنك هذا التراجع إلى تسجيل مخصص قدره 1.1 مليار دولار لتغطية دعوى قضائية مرفوعة من مستثمرين خسروا أموالهم في مخطط بونزي الذي نفذه مادوف عام 2009، وهو أكبر عملية احتيال مالي في التاريخ الحديث.

وقالت بام كاور، المديرة المالية للبنك، إن القضية لا تزال في مراحلها القانونية المعقدة، وقد تستغرق سنوات للتسوية، مؤكدة أن المبلغ المرصود يستند إلى تقديرات دقيقة من المحاسبين والمستشارين القانونيين الداخليين والخارجيين للبنك.

وأضافت كاور أن HSBC يخطط لتقديم استئناف جديد أمام محكمة لوكسمبورغ، وفي حال رفضه سيواصل الطعن في قيمة التعويضات النهائية في مراحل قضائية لاحقة.

ارتفاع التكاليف التشغيلية رغم نمو الإيرادات

أشار التقرير المالي إلى ارتفاع تكاليف التشغيل بنسبة 24% لتصل إلى 10 مليارات دولار، نتيجة المخصصات القانونية وتكاليف إعادة الهيكلة التي شملت تعويضات للموظفين المفصولين ضمن خطة إصلاح أُعلنت العام الماضي بقيادة جورج الحيدري، الرئيس التنفيذي للبنك.
وفي المقابل، شهدت الإيرادات نموًا ملحوظًا، حيث ارتفع صافي دخل الفوائد بنسبة 15% إلى 8.8 مليار دولار، كما زاد دخل الرسوم بنسبة 12% ليبلغ 3.5 مليار دولار.

بيع محتمل لمحفظة الأفراد في مصر

وفي سياق إعادة الهيكلة العالمية، كشفت تقارير مالية أن البنك يدرس بيع محفظة التجزئة المصرفية الخاصة بالأفراد في وحدته بمصر، ضمن مراجعة شاملة لأنشطة التجزئة في عدد من الأسواق حول العالم.

وبحسب ما نقلته وكالة رويترز وصحيفة الشرق بلومبرغ، دخل البنك في محادثات مبدئية مع بنك محلي وآخر خليجي بشأن الصفقة المحتملة، دون اتخاذ قرار نهائي حتى الآن.
ويُذكر أن HSBC يمتلك نحو 94.5% من أسهم وحدته في مصر، التي تعمل منذ عقود ضمن شبكة البنك في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويرى محللون أن هذه الخطوة تأتي في إطار تركيز البنك على أنشطة تمويل الشركات والمشروعات الكبرى بدلًا من قطاع الأفراد، الذي يشهد تحديات متزايدة في السوق المصرية بسبب التضخم وضغوط سعر الصرف.

تحول استراتيجي عالمي

تأتي هذه التحركات في إطار استراتيجية يقودها الرئيس التنفيذي جورج الحيدري لجعل البنك أكثر تركيزًا وكفاءة، عبر الانسحاب من الأسواق ذات العائد المحدود وإعادة توجيه الاستثمارات نحو القطاعات والمناطق الأسرع نموًا.
وقال الحيدري في بيان صادر مع نتائج الأعمال:

“نواصل بناء بنك أبسط وأكثر تركيزًا قائم على نقاط قوتنا الأساسية. ورغم المخصصات القانونية المرتبطة بقضايا قديمة، فإن أداءنا هذا الربع يعكس التزامنا بتنفيذ استراتيجيتنا ومساندة عملائنا في مواجهة المتغيرات الاقتصادية.”

انعكاسات محتملة على السوق المصرية

في حال إتمام الصفقة، سيعني ذلك خروج HSBC تدريجيًا من قطاع التجزئة المصرفية في مصر أو تقليصه بشكل كبير، ما قد يفتح المجال أمام بنوك محلية وخليجية لتعزيز وجودها في هذا القطاع الحيوي.
وفي المقابل، قد يعزز تركيز البنك على تمويل المشروعات والاستثمار المؤسسي دوره كشريك رئيسي في تمويل التنمية ومشروعات البنية التحتية داخل السوق المصرية.