< بيتكوين تلامس أعلى مستوياتها التاريخية مدفوعة بزخم سياسي وتنظيمي
الميزان نيوز
رئيس التحرير
عصام كامل

بيتكوين تلامس أعلى مستوياتها التاريخية مدفوعة بزخم سياسي وتنظيمي

الميزان نيوز

«بيتكوين» تلامس أعلى مستوياتها التاريخية مدفوعة بزخم سياسي وتنظيمي.. ومخاوف المستثمرين تتجدد من التشتت والتقلبات

 

تشهد عملة «بيتكوين»، الأقدم والأكثر شهرة في سوق العملات المشفرة، موجة صعود استثنائية دفعتها إلى الاقتراب من أعلى مستوياتها التاريخية، وسط تفاؤل متزايد في أوساط المستثمرين بإمكانية حصول الصناعة على دعم تنظيمي وسياسي متزايد، خاصة في ظل تصاعد حظوظ دونالد ترامب في المشهد السياسي الأميركي.

 

وسجلت بيتكوين قفزة تجاوزت 50% منذ فوز ترامب بالانتخابات في نوفمبر الماضي، لتعوض كامل خسائرها التي تكبدتها إثر تهديداته بسياسات تجارية اعتُبرت آنذاك مقلقة للأسواق. ومع تحقيقها مكاسب تفوق 20% منذ إعلان «يوم التحرير» وفرض التعريفات الجديدة، تفوقت «بيتكوين» في أدائها على الذهب والأسهم الأميركية، ونجحت في الحفاظ على استقرارها رغم تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بعدما تخطت حاجز 100 ألف دولار في ديسمبر الماضي.

 

ورغم الانتقادات المستمرة التي تواجهها «بيتكوين» بشأن تقلباتها الحادة، فإنها تدخل عامها الثالث من المكاسب القوية، ما يعزز من قبولها المتنامي بين المستثمرين، وصنّاع القرار، والهيئات التنظيمية، مع تزايد الدعوات لاعتبارها أصلًا استثماريًا رئيسًا لحفظ الثروات والمدخرات على المدى الطويل.

 

تحولات جذرية من انهيار «FTX» إلى صعود الثقة

ويمثل هذا الأداء تحوّلًا دراماتيكيًا مقارنة بما شهدته الأسواق في نوفمبر 2022، حين هوت «بيتكوين» إلى مستوى 16 ألف دولار بالتزامن مع انهيار منصة «FTX»، إحدى أكبر منصات العملات الرقمية، مما ألحق أضرارًا جسيمة بثقة المستثمرين وأربك الصناعة بأكملها.

 

ومع ذلك، فإن التاريخ الطويل للعملة منذ نشأتها عام 2009، يشير إلى نمط متكرر من الصعود بعد كل أزمة، ما ساهم في جذب مزيد من رؤوس الأموال والمستثمرين على مر السنوات.

 

وقد أدى هذا الزخم إلى تدفقات قياسية للصناديق الاستثمارية المرتبطة بالعملات المشفرة، بلغت 11 مليار دولار خلال العام الجاري، لترتفع الأصول الخاضعة للإدارة إلى 176 مليار دولار، بحسب بيانات شركة «كوين شيرز» البريطانية.

 

العملات البديلة تدخل المنافسة.. وترامب وميلانيا يدخلان السوق

 

ورغم هيمنة «بيتكوين» على المشهد، فإن عملات رقمية أخرى، أبرزها «إيثير»، تواصل جذب اهتمام المستثمرين، فيما دخل ترامب نفسه السوق عبر مشاريع عملات مشفرة حققت له دخلًا بلغ نحو 60 مليون دولار العام الماضي، كما أطلقت زوجته ميلانيا عملتها الخاصة.

 

وتتابع منصة «كوين ماركت كاب» قرابة 16.9 مليون عملة رقمية، لكن العدد الإجمالي للعملات يفوق ذلك بكثير، ما يعقّد عملية اتخاذ القرار لدى المستثمرين ويزيد من حالة التشتت في السوق، خاصة مع بروز فئة «العملات المستقرة» المدعومة بأصول حقيقية كالسندات الأميركية، والتي تُستخدم كوسيلة للدفع العابر للحدود، وتخضع حاليًا لدراسات تنظيمية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

 

تحركات تنظيمية وتغير في اللهجة

وتدرس هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة تخفيف الحظر المفروض منذ 2021 على تداول الأوراق المالية المرتبطة بالأصول الرقمية، في مؤشر إلى تغير تدريجي في الموقف الرسمي. كما وافقت الجهات التنظيمية الأميركية بداية العام الماضي على إطلاق صناديق متداولة مدعومة بـ«بيتكوين»، تشرف عليها شركات ضخمة مثل «بلاك روك» و«فيدليتي».

وكان ترامب قد تراجع عن تصريحاته السابقة التي وصفت «بيتكوين» بأنها “احتيال”، متعهدًا بسياسات داعمة لتحويل الولايات المتحدة إلى “عاصمة الأصول المشفرة العالمية”.

التحديات قائمة.. ومستقبل السوق يظل غامضًا

رغم هذا الدعم، ما تزال السوق تعاني من غموض كبير، حيث أظهرت بيانات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أن 8% فقط من البالغين استخدموا العملات الرقمية في تعاملاتهم العام الماضي، وهي نفس النسبة المسجلة في 2022، لكنها تمثل تراجعًا عن 12% في 2021.

ويواجه المستثمرون تحديات متعددة، أبرزها صعوبة تتبع ملايين العملات المشفرة الموجودة في السوق، والاعتماد الكبير على تقنيات «البلوك تشين» التي رغم فعاليتها، فإنها تتطلب معرفة تقنية عالية.

كما أن المخاطر الأمنية مستمرة، إذ شهدت منصة «باي بيت» اختراقًا في فبراير الماضي أدى إلى سرقة أصول رقمية بقيمة 1.5 مليار دولار، ما يعكس هشاشة بعض المنصات رغم توسعها.

 

بين «إيثير» و«عملات الميم».. تعدد المفاهيم وزيادة التقلّب

 

وتختلف العملات الرقمية من حيث المفهوم والاستخدام؛ فبينما تمثل «إيثير» الرمز الأصلي لمنصة «إيثيريوم» التي تُتيح إنشاء تطبيقات مالية لا مركزية، هناك عملات أخرى مثل «سولانا» و«كاردانو» تقدم بدائل مماثلة.

 

في المقابل، اجتذبت «عملات الميم» – وهي رموز رقمية مستوحاة من النكات أو الأحداث الجارية – اهتماماً كبيراً مؤخراً، خاصة تلك التي أطلقها ترامب وميلانيا، لكنها تتسم بتقلبات حادة ولا تخضع غالبًا لمنطق اقتصادي واضح.

 

ومع توفر التداول على مدار الساعة وطوال الأسبوع عبر منصات العملات الرقمية، تبقى مسؤولية تخزين الأصول مؤرقة للمستثمرين، إذ يواجهون الاختيار بين محافظ رقمية قد تكون عرضة للاختراق، أو حلول أكثر أمانًا لكنها مكلفة ومعقدة.