عاجل
الأحد 19 مايو 2024

محمد النجار: «المركزي» مضطر لرفع أسعار الفائدة.. وبيروقراطية الحكومة مستمرة

محمد النجار مدير
محمد النجار مدير إدارة البحوث والاستثمار بشركة «المروة»

مدير إدارة البحوث والاستثمار بشركة «المروة» لتداول الأوراق المالية لـ«الميزان الاقتصادي»:
«المركزي» مضطر لرفع أسعار الفائدة خلال 2017
طروحات «البترول» مخاطرة.. طرح «بنك القاهرة» سيحدث نموًا في السوق
بيروقراطية الحكومة مستمرة.. وحملة «مصنعك جاهز» غير واقعية
الوصول لسعر عادل للدولار أمام الجنيه في «اللا مطلق»
مكاسب مصر من اتفاقية مبادلة العملة مع الصين «ضئيلة»



أكد محمد النجار، مدير إدارة البحوث والاستثمار بشركة «المروة» لتداول الأوراق المالية، أن البورصة تتأثر بالقرارات كافة والمتغيرات في الدولة، ولأننا اقتصاد تابع فإننا أيضًا نتأثر ببعض المتغيرات العالمية، إلا أن التغير في أسعار الفائدة أحد المتغيرات المؤثرة بقوة على اداء البورصة، وأن محافظ البنك المركزي مضطر إلى رفع أسعار الفائدة، قائلًا: إن «ارتفاع أسعار الفائدة قادم لا محالة» خلال 2017، فإلى نص الحوار: 

* بداية.. لمذا استمرت عمليات جني الأرباح للمصريين عقب قرار تحرير سعر الصرف رغم الارتفاعات التي شهدها السوق؟
أولًا: الارتفاعات التي شهدتها البورصة ووصولها إلى مستوى تاريخي خلال نهاية 2016 وبداية 2017، كان مرتبطًا بالقرارات الاقتصادية وليست بالتأثيرات الاقتصادية على الشركات، مما يؤدي إلى استفادة بعض القطاعات منذ هذا القرار، وعلى رأسها الشركات المصدرة والتي لها فروع في الخارج، وايضًا الشركات التي لا تعتمد على الطاقة، لكنها أضرت بالشركات المعتمدة على الاستيراد لتوفير مستلزمات إنتاجها، وعلى رأسها السيارات، وشهد سوق المال ارتفاعًا وتخطيه مستويات تاريخية نتيجة للأموال المتدفقة على السوق.

وثانيًا: المستثمرون الأجانب هم المستفيدون من قرار تحرير سعر الصرف، لكن المستثمر المصري كان الأكثر تضررًا، بسبب إعادة تسعير الأسهم بسعر العملة، ولذلك نجد أن توجه المصريين بيعي واضح، وأيضًا القرار أضر بمصالح المستثمرين ولكن بنسب متفاوتة بتفاوت القطاعات.

* ومن وجهة نظرك هل الحكومة قادرة على تخطي الأزمة الاقتصادية الراهنة؟
كل المؤشرات تؤكد أن بيروقراطية الحكومة مستمرة خلال 2017، خاصة أنه لا يوجد بنية تشريعية قوية تدعم التصدير، ولدينا مشكلة لجذب المستثمرين، وحتى حملة «مصنعك جاهز» التي أطلقها وزير الصناعة، لم تحدد لأي فئة موجهة وهل هي للخريجين من الشباب أم موجهة للشركات الكبرى لتمكنهم من التوسع في أعمالهم، وبالتالي مع عدم تحديد ذلك هي غير قابلة للتنفيذ في الواقع العملي، لأنه سيتم التعامل معها بنفس العقلية التي عُمل به مشروع 1.5 مليون فدان، ومشروع بنك المعرفة الذي لم يطبق حتى الآن.

* وماذا عن قرارات البنك المركزي وتأثيرها على البورصة؟
البورصة تتأثر بالقرارات كافة والمتغيرات في الدولة، ولأننا اقتصاد تابع فإننا أيضًا نتأثر ببعض المتغيرات العالمية، إلا أن التغير في أسعار الفائدة أحد المتغيرات المؤثرة بقوة على اداء البورصة، وأنا أرى أن محافظ البنك المركزي مضطر إلى رفع أسعار الفائدة «ارتفاع اسعار الفائدة قادم لا محالة» خلال 2017، كنتيجة لموجة التضخم وارتفاع اسعار الدولار أمام العملات الأخرى، وبالتالي من المتوقع زيادة سعر الفائدة من 20 وحتى 25% خلال هذا العام، والذي معه سيستفيد قطاع البنوك، لذا دائمًا ما نطالب بأن يكون محافظ البنك المركزي اقتصاديا وليس «بنكيا» أسوة بالدول المتقدمة، حتى لا تتخذ قرارات في صالح قطاع على حساب قطاعات أخرى، فتأكيدات عدم ارتفاع أسعار الفائدة، كان في صالح السوق حتى الآن، فلو أعلن رسميًا عن ارتفاع اسعار الفائدة لاتجه المستثمرون نحو الاستثمار في عوائد الدخل الثابت متحولين عن الاستثمار في سوق الأسهم.

* لكن هناك وعوداً حكومية بأن يتراجع أسعار الدولار أمام الجنيه وأن يصل لسعر عادل.. كيف ترى ذلك؟
أنا لست ممن يشجعون كلمة الوصول للسعر العادل للعملة، لأن الوصول إلى سعر عادل للدولار أمام الجنيه يعد في «لا مطلق»، لأن السعر العادل لأي عملة هو سعرها اليومي الذي يتغير وفق متغيرات العرض والطلب، وهل تستطيع الدولة التحكم في المتغيرات وبالتالي أسعار الصرف، وأن يتراجع الدولار أمام الجنيه، دون أن يعتمد ذلك على زيادة الصادرات وتحويلات المصريين من الخارج، وعودة قطاع السياحة لطبيعته، وعليه مع توافر تلك المقومات المهمة سيحدث انخفاض في أسعار الصرف، والذي ايضًا سيحدث معه مشكلات عدة للاقتصاد المصري.

* وكيف ذلك؟!
كما استفادت قطاعات من ارتفاع اسعار الدولار مقابل الجنيه، وبالتالي ارتفع مركزها المالي، فإن تلك القطاعات لن تستفيد من انخفاضه، وخاصة الشركات المعتمدة على التصدير، فحصيلتها من التصدير كانت مرتفعة بسبب فروق العملة، ومع انخفاضها ستقل الحصيلة، وهناك أمر آخر فيما يخص الدولار، عندما ترتفع أسعار الدولار سيقل الاستيراد، والذي سيتحول معه المستوردون إلى منتجين ومصدرين، والتصنيع والإنتاج في مصر يعتمد على استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، وبالتالي يحدث ضغط على الدولار مرة أخرى ويزيد الطلب عليه، وحتى بعد عملية الإنتاج نجد أن المنتج المصري أعلى سعرًا من المستورد نتيجة ارتفاع تكاليف إنتاجه.

* ولكن هل اتفاقية مبادلة العملة مع الصين ستفيد مصر في تقليل الضغط على الدولار؟
لا أتفق مع ذلك.. استفادة مصر من تلك الاتفاقية ليست استفادة كبيرة، لعدة أسباب منها أننا نستورد من الصين تقريبًا بمبلغ 11 مليار دولار، والصين وفقًا لاتفاقية أعطتنا 18 مليار يوان، أي ما يعادل 2.6 مليون دولار، وبالتالي لم نحصل إلا على 10- 20 % تقريبًا من حجم استيرادنا، بخلاف أن اليوان هو الآخر عملة مسعرة بالدولار ومرتبط به، ومع قرارات الصين بتخفيض أسعار عملتها، فإننا سنجد أننا لم نحصل على مكاسب كبيرة من الاتفاقية، ومع التطبيق الفعلي ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ سيظهر ذلك، لكن بالنظر إلى الجانب الصيني فإنه لم يجن أي مكاسب من تلك الاتفاقية.

* كيف ترى مستقبل الطروحات الجديدة للحكومة وخاصة قطاع البترول؟
أسعار النفط من المتغيرات القوية المؤثرة في عام 2017، ومع تنفيذ قرارات «الأوبك» متوقع أن يتراجع أسعاره، وعليه فإن طروحات قطاع البترول ستتأثر في حالة تراجعت أسعار النفط عالميًا، ولأن سوق المال المصري متعطش لمزيد من الطروحات القوية، فإن عوامل نجاح تلك الطروحات يتوقف على اختيار التوقيت المناسب والسعر العادل لتلك الأسهم بالإضافة إلى الترويج الجيد لها لجذب مستثمرين جدد، وأنا منذ 13 عاما كنت أسمع أن الحكومة ستطرح شركة «ميدور» ولكن تراجعت عن ذلك القرار لأسباب تعود للتوقيت تارة ولتحقيق الشركة خسائر تارة أخرى، وتقريبًا لم يتم طرح إلا شركة واحدة في قطاع البترول منذ 12 عامًا وهي «أموك» فقط، إلا أن طرح شركات بترول بالبورصة دفعة واحدة يعد مخاطرة كبيرة للسوق، خاصة في ما يتعلق بمخاطر تراجع أسعار النفط عالميًا، وكذلك مخاطر تراجع معدلات السيولة بالسوق، بما يقلل من جاذبية تلك الشركات تجاه المستثمرين.

* وماذا عن طروحات قطاعي الأغذية والبنوك؟
قطاع الصناعات الغذائية من القطاعات الدفاعية، ومعظم الشركات في القطاع ليست صناعات غذائية اساسية، ولكن مشكلة القطاع الدفاعي أنه لا يتأثر بأي متغير خارجي، وعليه لا يقود صعود البورصة، بخلاف قطاع البنوك الذي نتوقع مع طرح بنك القاهرة في البورصة سيحدث نموًا كبيرًا في القطاع، لأنها ذات أرباح عالية.

* وماذا عن القطاعات المتوقع لها الصعود خلال العام الجاري؟
دائمًا ما يقول البعض إن قطاعي البنوك والإسكان هما الرابحان، لكن هذا غير صحيح، لأن المتغيرات والقرارات هي التي تتحكم في صعود وهبوط القطاعات، ففي عام 2015 أكد البعض أن قطاع البنوك هو القطاع الرابح خلاله، إلا مع انتهاء العام وجد أن الرابح هو البنك التجاري الدولي فقط، وعليه فإن القول بأن هناك قطاعا صاعدا كلمة «مطاطة» غير قابلة للتنفيذ واقعيًا، فالمتغيرات هي التي تحدد القطاعات المستفيدة، فمثلًا لو ارتفعت أسعار الفائدة فإن البنوك ستستفيد، وإذا قررت الدولة مساندة المطورين العقاريين بإعطائهم الأرض بأسعار ضئيلة فإن شركات الاستثمار العقاري والإسكان ستتكبد خسائر، كما هو الحال في قطاع مواد البناء فإذا اتخذت الدولة قرار فتح الاستيراد وتقليل الرسوم الجمركية، فإن ذلك يعني انهيار لسوق مواد البناء، والدليل على ذلك أن ما حدث في 2016، من ارتفاعات للسوق كان نتيجة لتأثيرات متغير اقتصادي وهو «تحرير سعر الصرف».

* وماذا عن بورصة النيل؟
إدارة البورصة غير مهتمة ببورصة النيل، سواء من ناحية القواعد أو الإجراءات، فهي تحتاج إلى دعم كبير من الدولة، وأنا أرى أننا لسنا بحاجة لتدعيم وتحفيز البورصة، بقدر ما نحتاج إلى تحفيز الاستثمار وتحسين المناخ الاقتصادي، وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتي بدعمها سينعكس ذلك على أداء البورصة، وسيتم ذلك عن طريق وضع أسس حقيقة للمشروعات الصغيرة، وفنحن منذ اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار في نوفمبر الماضي، لم يتم تفعيل قراراته إلا في ما يخص تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية للشركات المقيدة في البورصة، وهناك الكثير من المقترحات لدعم بورصة النيل.

* إذن ما مقترحاتك لدعم بورصة النيل؟
أنا أقترح أن تكون بورصة مستقلة ذات «بورد» مستقل بها، كما أطالب بأن تكون بورصة متخصصة قطاعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مثلًا بان تكون هناك بورصة متخصصة زراعية، يندرج تحتها كل الشركات العاملة في مجال الزراعة، عندما تكون البورصة مختصة بقطاع بعينه، تستطيع بذلك جذب فئة من المستثمرين ذات طبيعة عملية قطاعية تحت بورصة واحدة، خاصة أن عدد الشركات في بورصة النيل قليل، وذلك لأنها غير قادرة علي إستيعاب الأموال وغير جاذبة.

* هل تتوقع حدوث تأثيرات كبيرة على الاقتصاد المصري مع تولي الرئيس الأمريكي ترامب مهام منصبه؟
يتوقف ذلك على تحديد السياسات الخارجية بين مصر«السيسي» و«ترامب» الولايات المتحدة، وهل ستكون سياساته في صالح الشرق الأوسط، وهل هو سيقوم بإعادة إعمار لسوريا وليبيا، والتي إذا حدثت ستحدث انتعاشة في السوق المصري، خاصة في قطاعات مواد البناء والتشييد، والذي معه ستتحرك العجلة الاقتصادية قليلًا، لأن أداء الاقتصادي المصري يحكمه متغيران مهمان، التضخم وأسعار صرف العملة، هما المتغيران الذين يقودان النمو الاقتصادي.