عاجل
السبت 11 مايو 2024

«المالية» تنشر وثائق برنامج الإصلاح الاقتصادى مع «النقد الدولى»

وزير المالية - صورة
وزير المالية - صورة أرشيفية

نشرت وزارة المالية اليوم الأربعاء، وثائق برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري مع صندوق النقد الدولي والذى تم توقيعه فى 11 نوفمبر الماضى، وذلك بالتزامن مع قيام الصندوق بنشر هذه الوثائق على موقعه الإلكتروني. 

وأكدت وزارة المالية في بيان صادر اليوم، أن نشر الوثائق جاء بناءً على طلب الحكومة المصرية، ورغبة منها في التأكيد على سياسة الشفافية أمام المواطنين والمجتمع الدولي حول تفاصيل برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.

وأشارت إلى أن الصندوق أكد في وثائقه أن الحكومة المصرية تبنت برنامجا اصلاحيا شاملا بهدف تصحيح الاختلالات في ميزان المدفوعات ودفع معدلات النمو الاقتصادي والتشغيل وتوفير الحماية الاجتماعية، وبالتالي استعادة الثقة المحلية والدولية في الاقتصاد المصري وتحسين مستوى معيشة المواطنين.

وأشاد صندوق النقد بالبرنامج الذى أعدته الحكومة المصرية، مؤكدًا أن مصر تتحرك في مسار جديد يتسق مع دورها المحوري في العالم العربي وطموحات جيل جديد من المصريين أكثر انفتاحًا على العالم.

ويتسق البرنامج الذى تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي، مع برنامج الحكومة على المدى المتوسط الذى تم عرضه والموافقة عليه من مجلس النواب في مارس الماضي، كما يتسق مع المستهدفات المالية التي تم إقرارها في الموازنة العامة للدولة، حيث يستهدف البرنامج تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة يستفيد منها المجتمع بمختلف فئاته، ومن خلال زيادة تنافسية الاقتصاد، والاعتماد على الإنتاج خاصة الصناعي وزيادة التصدير، وزيادة معدلات التشغيل من خلال إيجاد فرص عمل حقيقية جديدة، مع توفير الحماية للفئات المستهدفة من خلال برامج اجتماعية تتسم بالاستهداف والكفاءة وزيادة الاستثمارات في البنية الأساسية وفى الخدمات العامة الرئيسية المقدمة للمواطنين.

وتتمثل المستهدفات الرئيسية فى برنامج الصندوق تحقيق عجز أولى فى الموازنة العامة للعام المالي 2017/2016، ويبلغ 0.8% من الناتج المحلى الإجمالي وهو نفس المستهدف فى الموازنة العامة للدولة التى أقرها مجلس النواب فى يونيو الماضى، حيث يبلغ العجز الكلى فى الموازنة العامة نحو 10% من الناتج المحلى ويصاحبه تراجع محدود فى حجم الدين الحكومى للناتج المحلى إلى نحو 99% من الناتج.

وعلى المدى المتوسط، يستهدف البرنامج تحويل العجز الأولى إلى فائض بدءًا من عام 2018/2017 وبحيث يرتفع ليبلغ نحو 2.1% من الناتج بحلول عام 2019/2018، كما يستهدف أن يبلغ العجز الكلى نحو 3.9% فى عام 2021/2020 ارتباطا بالنمو الاقتصادي وخفض تكلفة خدمة الدين على المدى المتوسط وبحيث ينخفض الدين الحكومي إلى نحو 80% من الناتج خلال خمسة أعوام.

ومن المقدر أن يحقق النمو الاقتصادى معدل فى حدود 4% خلال العام المالى 2017/2016 ليرتفع إلى 5-6% على المدى المتوسط، الأمر الذى من شأنه خفض معدلات البطالة إلى 10% فى عام 2019/2018، ثم إلى نحو 6.7 % فى عام 2021/2020.

ومن المستهدف أن يحقق الاستثمار المحلى والأجنبى والصادرات معدلات نمو مرتفعة تقود النمو فى الفترة القادمة بدلًا من الاعتماد على الاستهلاك الممول بالاستدانة كمحرك للنمو. وسيعمل اصلاح منظومة دعم الطاقة فى تصحيح نظم الحوافز نحو الصناعات كثيفة العمالة بدلًا من الاعتماد الأكبر على الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة ورأس المال، مما سيدعم خلق فرص العمل لخفض معدلات البطالة واستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل.

وأشار تقرير الصندوق إلى أن الحكومة المصرية أعدت برنامجًا شاملًا من الإصلاحات لاستعادة الاستقرار الاقتصادى وفتح الطريق لمعدلات نمو اقتصادى مرتفعة ومستدامة على المدى الطويل. حيث شملت حزمة الإصلاحات التى تم تصميمها داخليًا إجراءات للضبط المالى لضمان استدامة الدين العام على المدى المتوسط، وتطبيق نظام حر لإدارة سوق الصرف يسمح بتوحيد سعر الصرف وإعادة بناء الاحتياطى النقدى والقدرة على تحمل الصدمات يصاحبها سياسة نقدية تقييدية لتحجيم معدلات التضخم، وفى نفس الوقت تقوية شبكة الحماية الاجتماعية وزيادة الإنفاق العام الموجه للفئات الأولى بالرعاية للحد من أثار الإجراءات الإصلاحية، بالإضافة إلى تطبيق الإصلاحات الهيكلية التى تسمح بتحقيق نمو شامل واحتوائي يعزز خلق فرص عمل جديدة، وزيادة وتنويع الصادرات، وتحسين مناخ الاستثمار، وتطوير إدارة المالية العامة.

وتتمثل أهم الإصلاحات المالية التى يشملها البرنامج مع الصندوق نفس الإصلاحات التى تم عرضها فى برنامج الحكومة الاقتصادى وتم التأكيد عليها فى البيان المالى للموازنة العامة للدولة عن عام 2017/2016 فى مجال الضرائب، والتى تتمثل فى تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، ووضع نظام ضريبى جديد ومبسط للمشروعات متوسطة وصغيرة الحجم، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية.

كما شملت الإصلاحات ترشيد دعم الطاقة تدريجيًا على مدى 3-5 سنوات، وإعادة ترتيب الأولويات فى صالح البرامج الاجتماعية ذات المستويات الأعلى فى الاستهداف، بالإضافة الى زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وتطوير البنية التحتية بما يدعم التنمية البشرية وتحسين الخدمات العامة للمواطنين.

ويعد الانفاق الاجتماعى أحد المكونات الرئيسية للبرنامج، حيث تعتزم الحكومة انفاق ما يعادل 1% من الناتج المحلى الاجمالى على برامج الحماية الإجتماعية وفى مقدمتها الدعم النقدى ودعم السلع التموينية كإنفاق إضافي.

ويهدف البرنامج الى الاستبدال التدريجى لدعم الطاقة ببرامج اجتماعية أكثر كفاءة فى استهداف الفئات الأولى بالرعاية، حيث قامت الحكومة بزيادة قيمة دعم السلع التموينية من 15 جنيها للفرد الى 21 جنيها للفرد شهريًا، واستهداف زيادة أعداد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة الى 1.7 مليون مستفيد فى نهاية العام المالى الجارى، بالاضافة الى البرامج الاجتماعية الأخرى كمعاش الضمان الاجتماعى ومعاش الطفل وبرامج الاسكان الاجتماعى والتغذية المدرسية، فضلًا عن الانفاق على التعليم والصحة، وبرامج الدعم الأخرى.

كما يتضمن البرنامج اصلاحات هيكلية لتحسين مناخ الاستثمار وتحفيز الصناعة المحلية والتصدير، تشمل اعتماد قانون التراخيص الصناعية الجديد وتبسيط إجراءات الإفلاس والتصفية عن طريق إعداد مشروع قانون الإفلاس، ووضع خطة عمل لرفع كفاءة منظومة دعم الصادرات، وذلك بهدف تدعيم تنافسية الاقتصاد المصرى مما يسهم فى تحقيق نمو احتوائى وخلق فرص عمل وتنمية الصادرات المصرية.

وبدأ البرنامج الاصلاحى للحكومة المصرية يؤتى ثماره الأولية، حيث انخفض العجز الأولى للموازنة العامة خلال الفترة يوليو- ديسمبر من العام المالى 2017/2016 الى 1.1% مقارنة بـ2.1% خلال نفس الفترة من العام السابق. كما ارتفع رصيد الاحتياطى الاجنبى بحوالى 6.7 مليار دولار خلال النصف الاول من العام المالى الحالى ليبلغ 24.265 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2016، وشهدت مؤشرات البورصة المصرية مؤخراَ ارتفاعات كبيرة وصلت الى نحو 55% فى ظل زيادة كبيرة فى حجم التعاملات وفى مشتريات المستثمرين الأجانب، بالإضافة الى زيادة الاستثمارات الأجنبية فى أذون وسندات الخزانة المصرية، وزيادة موارد الجهاز المصرفى بالعملة الاجنبية بشكل كبير لتبلغ 7.5 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف.

كما شهدت الصادرات المصرية طفرة كبيرة فى شهر نوفمبر لترتفع بأكثر من 50% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق فى حين انخفضت الواردات خلال نفس الشهر بنحو 25%. وتظهر المؤشرات وجود إقبال على زيادة الانتاج المحلى وعودة التوجه الى التصدير وهى مستهدفات رئيسية نحو توجيه الإقتصاد المصرى فى المسار السليم.

ويمثل برنامج الإصلاح الاقتصادى للحكومة المصرية نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من النمو الاقتصادى الشامل وزيادة معدلات التشغيل وسوف ينعكس على تحسين مستويات المعيشة، حيث ستسمح الإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية التى تنفذها مصر باستعادة الاستقرار المالى والاقتصادى والثقة المحلية والدولية فى مستقبل الاقتصاد المصرى، وستتيح للدولة مزيد من الموارد للإنفاق التنموى فى تحسين الخدمات العامة والاستثمار فى البنية الأساسية والتوسع فى برامج الحماية الاجتماعية.

ويعتبر قيام صندوق النقد الدولى بمساندة وتمويل برنامج الإصلاح الوطنى على مدى السنوات الثلات القادمة، بالإضافة إلى المساندة الدولية الواسعة لهذا البرنامج من جانب مؤسسات اقليمية ودولية كالبنك الدولى والبنك الافريقى للتنمية ودول الخليج الشقيقة والصين ودول مجموعة السبع الصناعية الكبرى عاملًا مهمًا لزيادة الثقة وطمأنة المستثمر المحلى والأجنبى لتحقيق دفعة جديدة فى النشاط الاقتصادى كما أن الحكومة ستركز فى الفترة القادمة على الإسراع بالإصلاحات الهيكلية وإزالة المعوقات التى تسمح بتنمية الصناعة المحلية خاصة الموجهة للتصدير.