عاجل
الثلاثاء 20 مايو 2025
رئيس التحرير
مواهب عبدالرحمن

نوال الصوفي.. «منقذة سوريا»

الناشطة نوال الصوفي
الناشطة نوال الصوفي - صورة أرشيفية

«طوق الناجين للباحثين عن الأمل» أمام المهاجرين السوريين، إنها الناشطة نوال الصوفي فتاة لا تحب اللقاءات الصحفية لأنها تعتبر أن ما تقوم به هو شيء طبيعي جداً.

ساهمت نوال في إنقاذ أكثر من 200 ألف لاجئ سوري مهددين بالموت غرقاً في البحار، في الوقت الذي يتخاذل فيه المجتمع الدولي أمام أفظع كارثة يمر بها شعب منذ قرون.

بدأت نوال صوفي العمل الإنساني، منذ كان عمرهما 14 عاماً، وأول ما قامت به هو مساعدة المشردين، من الإيطاليين والمهاجرين المغاربة، بغض النظر عن دينهم أو لغتهم وانتماءهم، ومع الوقت توجه اهتمامها نحو القضية الفلسطينية فخرج في مظاهرات ونظّمت بعضها.

قررت نوال "دراسة العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وفي السنة الجامعية الثانية استطاعت العمل في المحاكم والسجون، كوسيط اجتماعي للتخفيف من معاناة المهاجرين، حيث تتقاضى نوال من الترجمة أجراً يساعدها في الإنفاق على جامعتها".

قبل عامين، قررت نوال في لحظة كان في جيبها ثلاثة يورو فقط، أن تجمع الأدوية وترسلها إلى سوريا، واستطاعت عبر الإرادة تجهيز قافلة أسمتها قافلة الحرية لحمص، كونها ترى في المدينة رمزاً لأعظم ثورة عاشتها الإنسانية، وترفض في الوقت نفسه أن يطلق عليها حرب أهلية أو طائفية.

عندما شعرت نوال بالخطر الذي يحيط بالسوريين المهاجرين عبر قوارب الموت إلى أوربا، نذرت نفسها لمساعدتهم، فقد كان يعاني المهاجرون عندما يتصلون بخفر السواحل أو الصليب الأحمر من عدم القدرة على شرح ما يريدون بسبب اختلاف اللغة، وفي كثير من المرات لا يتجاوب الخفر بسبب عدم الفهم، ويحتاج المهاجر غير الشرعي إلى محامي يدافع عنه ويحل مشكلته، قد يخسر المهاجر القضية نتيجة لذلك، ولكن بحضور نوال لم يعد يخشى المهاجرون عبر إيطاليا هذه العقبات، فهي حاضرة دائماً، في خدمة المقهورين والمساكين، يدفعها حبّها للإنسانية وتقديم العون للآخرين.

ليس سهلاً أن ينذر الإنسان نفسه لاستقبال عشرات الاتصالات يومياً، وقد يشعر المرء بالممل أو السأم من ذلك، لكن بالتأكيد ليست نوال من تتذمر من اتصالات المهاجرين السوريين، وفي شهر يوليو الماضي، تلقّت نوال في يوم واحد 15 مكالمة من قوارب، تولى خفر السواحل إنقاذها جميعها، بعد اتصالات نوال وإنذارها بذلك.

عندما يصل المهاجرون السوريون على شواطئ جزيرة صقليا تبدأ معهم معانات جديدة، فقد يقعون ضحايا الاحتيال والنصب من قبل مهربين يعرضون إيصالهم إلى ميلانو بمبالغ مضاعفة. وهنا تتولى نوال مهمة توعيتهم وتعريفهم بطرق التنقل الرخيصة غير المكلفة، وشراء رقم لطمأنة عائلاتهم.

يجرّم القانون الإيطالي أي شخص يساهم في الهجرة السرية بالسجن لمدة قد تصل إلى 10 سنوات، ورغم أن دور نوال يقتصر على إخطار خفر السواحل والصليب الأحمر بوصول القوارب القادمة، وتوعية المهاجريين بما يجب القيام به، إلا أنها لم تسلم من كيد البعض، ومعاداتهم لها، ومعظمهم من العرب المقيمين في إيطاليا، حتى باتت نوال تشعر بالخطر والتهديد، لأنها حذّرت المهاجرين من الأشخاص الذين يحتالون عليهم.

لم ينتهي الأمر عند هذا الحد، فقد هدد البعض بالانتقام منها بقسام البعض برفع دعاوي ضدها بتهمة المساهمة بالهجرة السرية، لكن نوال عندما تتصل بخفر السواحل لا تفكر بأي عقوبة، طالما أنها تقوم بما يمليه عليها واجبها الإنساني، واحتياطاً تقوم نوال بتسجيل كل المكالمات التي تردها من قوارب الهجرة، حتى تكون آمنة.

ولا يقتصر نشاط نوال على إنقاذ قوارب الموت، بل يتعدى ذلك إلى متابعة أحوال السجناء المتهمين بالهجرة غير الشرعية، في العديد من الدول ومنها مصر، حيث تتواصل نوال مع منظمات حقوقية عديدة.