عاجل
الأحد 25 مايو 2025
رئيس التحرير
مواهب عبدالرحمن

من “شوكولاتة دبي” إلى “ماتشا لندن”..تيك توك يُشعل جنون الطعام

الميزان نيوز

من “شوكولاتة دبي” إلى “ماتشا لندن”.. تيك توك يُشعل جنون الطعام ويرفع الأسعار عالميًا

 

في عصر تهيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي على عادات المستهلكين، لم يعد تأثير تطبيق “تيك توك” مقتصرًا على الترفيه والموسيقى والموضة، بل امتد ليعيد تشكيل اتجاهات الطعام والشراب حول العالم، متسببًا في ارتفاعات حادة في الأسعار ونقص في الإمدادات الزراعية.

 

واحدة من أبرز قصص النجاح التي ولدت من قلب تيك توك كانت “شوكولاتة دبي”، من ابتكار الشيف البريطانية-المصرية سارة حمودة، والمكونة من طبقات من الكنافة، وكريمة الفستق، والطحينة. تحولت الشوكولاتة إلى ظاهرة فيروسيّة، حيث حقق مقطع فيديو لأحد المؤثرين يتناولها أكثر من 120 مليون مشاهدة، مما دفع سلاسل المتاجر الكبرى مثل ليدل وليندت وويتروز في بريطانيا إلى إنتاج نسخ تجارية منها. وقد اضطرت “ويتروز” إلى فرض حد للشراء لا يتجاوز قطعتين لكل عميل بسبب الطلب الكثيف.

 

لكن النجاح التسويقي لتلك الحلوى لم يكن بلا ثمن، إذ أدى إلى ارتفاع أسعار الفستق بنسبة تقارب 35% خلال عام واحد، لترتفع من 6.65 يورو إلى 8.96 يورو للرطل، وفقًا لمنصة Tridge، مع توقعات بوصولها إلى 10.80 يورو بنهاية 2025.

 

ولا يتوقف تأثير تيك توك عند الحلويات، بل امتد إلى مشروبات مثل شاي الماتشا الأخضر، الذي ارتفعت شعبيته بشكل كبير على المنصة. هذا الاهتمام المتصاعد دفع اليابان إلى زيادة إنتاجها إلى 4,176 طنًا في 2023، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف الإنتاج في 2010، ومع ذلك، اضطرت شركات مثل Ippodo إلى فرض قيود على الشراء بسبب نقص المعروض.

 

تقول هانيفة هورشيت، شابة بريطانية افتتحت مع والدها مقهى “Frothee” في لندن، إنها بنت قائمة مشروباتها بالكامل على ترندات تيك توك، من الماتشا بالسكر البني، إلى الماتشا بالفراولة والياسمين. وتضيف: “كل وصفة في القائمة مستوحاة من فيديوهات على التيك توك… والمشروب الأكثر طلبًا لدينا هو ماتشا بنكهة إيرل غراي”.

 

لكن الارتفاع الكبير في أسعار الفستق حال دون إدراجه في قائمة المقهى. وتوضح هورشيت: “فكرت في إدخال منتج بالفستق، لكن الأسعار باهظة للغاية حتى في الشراء بالجملة”.

 

وفي ظل هذا الجنون الغذائي، يُحذّر خبراء من أن الطلب المفاجئ على محاصيل معينة قد يُشكل خطرًا بيئيًا حقيقيًا، حيث أن زراعة الفستق تستهلك كميات كبيرة من المياه وتتم غالبًا في مناطق جافة مثل كاليفورنيا وإيران. كما أن الاعتماد على زراعة محصول واحد (monoculture) يؤدي إلى تدهور التربة وزيادة استخدام المبيدات الحشرية، مما يهدد الأنظمة البيئية على المدى الطويل.

 

في المحصلة، يبدو أن “تيك توك” لم يعد مجرد تطبيق ترفيهي، بل تحول إلى قوة اقتصادية تفرض توجهات جديدة في الأسواق، وتعيد رسم ملامح ما نتذوقه وندفع ثمنه… وربما ما يُزرع في الأرض نفسها.