عاجل
السبت 18 مايو 2024

الاستثمار في قبضة «المستريح»

إبراهيم جمال
إبراهيم جمال

شهدت عمليات النصب وتوظيف الأموال فى مصر خلال الفترة الماضية نشاطاً منقطع النظير، حتى أصبحنا ننتظر كل يوم ظهور «مستريح جديد»، الأمر الذى يوجب على الحكومة ضرورة التصدي لتلك الظاهرة، لما لها من آثار سلبية على الاستثمار، الذى بات مؤخراً فى قبضة «المستريح».


وبات المثل العربى الشهير «شر البلية ما يضحك» لسان حال المجتمع عند الحديث عن قضايا توظيف الأموال فى مصر، باعتبارها مادة دسمة لما يمكن وصفه بـ «الكوميديا السوداء»، وسط حالة من الصمت الحكومى المعهود فى مثل تلك القضايا، والتى كان اخرها قضية «مستريح الأرانب»، والذى جمع نحو ربع مليار جنيه من 8 محافظات لاستثمارهم فى تربية الأرانب، وخدعهم بتوزيع أرباح كل 45 يوما، حتى ان الصدمة جاءت لمباحث الأموال العامة ذاتها عندما فوجئت بأن الحصيلة اليومية لـ «مستريح الأرانب» بلغت 1.46 مليون جنيه.


وإذا كانت الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى لا تألو جهداً فى جذب وتنشيط الاستثمار الأجنبى، فإن ظهور قضايا النصب وتوظيف الأموال يضع على كاهل الوزيرة المزيد من المسؤولية لتنشيط الاستثمار المحلى، والترويج للمشروعات الصالحة للاستثمار للمواطنين، بدلاً من وقوعهم فريسة للنصابين، ومروجى توظيف الأموال.

ولعل أخطر ما فى عمليات توظيف الأموال التى ظهرت مؤخراً، هو ارتباطها بشكل مباشر بمحدودى الدخل، فبالرغم من الازمة الاقتصادية التى عصفت بمحدودى الدخل عقب تحرير أسعار صرف العملات الاجنبية مقابل الجنيه، إلا أن كلا من قضايا «مستريح الأرانب»، «أحمد المستريح»، «مستريح الجيزة»، «ريان الصعيد»، صاحبة محلات«مليكة»، قضية «مركس ماركيتس»، مالك «ستار كابيتال»، و«مستريح قنا» وغيرها من القضايا التى يصعب حصرها، ارتبطت بشكل مباشر بالكثير من الضحايا من محدودى الدخل، والذين يقف حجم مدخراتهم دون حاجز لـ 50 ألف جنيه.


ومن وجهة نظرى المتواضعة فالتصدى لعمليات توظيف الأموال يبدأ من المواطن ذاته، فالمشاركة المجتمعية فى مواجهة توظيف الأموال تعد الحل السحرى لمواجهة تلك الظاهرة، كما يجب على الحكومة، بالتنسيق مع وحدات الحكم المحلي والمحافظات بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، إعلان حزمة من المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للقطاع الخاص بجميع المحافظات، تضمن عائدا ماديا واقتصاديا يجعلها فرصة جيدة ومُربحة للاستثمار، بدلاً من وقوع المواطنين فريسة سهلة للنصابين ومروجى توظيف الأموال، وهى التجربة التى قادت دولا كثيرة للنهوض بمعدلات النمو ومستوى معيشة مواطنيها، أبرزها الصين، سنغافورة، اليابان، الهند، البرازيل، كوريا الجنوبية، فيتنام، روسيا، إيطاليا، الولايات المتحدة الأمريكية، السعودية، والكويت وغيرها الكثير.

وللحديث بقية ما دام فى العمر بقية..